تحديات الفالح بين إدارة أوبك وتحولات {أرامكو} والنهوض بقطاع التعدين
استحدثت السعودية بالأمس وزارة جديدة للطاقة إيذانًا بعصر جديد لهذا القطاع الذي سيشهد تحولات كثيرة في القادم من الأيام مع الرؤية الجديدة للمملكة 2030. إلا أن المحللين لا يرون أن السياسة النفطية السعودية على المستوى الدولي ستتغير رغم كل هذه التحولات.
والسؤال الذي يطرح نفسه بعد الإعلان عن الأمر الملكي الذي يقضي بإنشاء وزارة للطاقة، هو هل تغيير مسمى الوزارة يعني أن حقيقة القطاع ستتغير؟ الإجابة نعم والسبب في هذا سهل، فالمملكة لم تعد ترى نفسها مجرد منتج تقليدي للنفط والغاز كما أن النظرة للطاقة لن تكون محصورة في الطاقة الناتجة عن الوقود الأحفوري بل إن المملكة تتطلع لأن تصبح منتجًا عالميًا للطاقة بشتى أنواعها وتطمح لتحويل أرامكو السعودية من شركة نفط وغاز إلى أكبر شركة طاقة صناعية على مستوى العالم.
وضمت المملكة كلا من الطاقة والصناعة والثروة المعدنية تحت وزارة واحدة جديدة، وسيكون خالد الفالح وزير الصحة السابق ورئيس مجلس إدارة أرامكو السعودية الحالي هو أول وزير طاقة في تاريخ المملكة.
ولا يتوقع المحللون أن السياسة النفطية الحالية للمملكة القائمة على الدفاع عن حصتها السوقية وترك الأسعار تحددها قوى العرض والطلب في السوق ستشهد أي تغيير. ويبرز في الاستراتيجية الجديدة للمملكة المعروفة باسم رؤية السعودية 2030، قطاع التعدين الذي سيشهد تحولات كبيرة والتي بدأت مؤخرًا بتعيين مجلس إدارة جديد لأكبر شركة تعدين وطنية وهي شركة التعدين العربية السعودية (معادن) برئاسة وزير الطاقة خالد الفالح.
* التحديات
وسيكون أول تحدٍ أمام الفالح في الوزارة الجديدة هو رفع مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي إلى 97 مليار ريال، وزيادة عدد فرص العمل في القطاع إلى 90 ألف فرصة عمل بحلول العام 1442هـ (2020). بحسب نص الرؤية.
وسيكون أمام الفالح تحدٍ آخر على الصعيد المحلي وهو تحويل شركة أرامكو السعودية إلى شركة صناعية عالمية إضافة إلى إدارتها بعد طرح أسهمها وتحويل ملكيتها إلى صندوق الاستثمارات العامة.
وتشمل رؤية السعودية 2030 أيضًا تحويل أرامكو السعودية إلى شركة طاقة صناعية وليست مجرد شركة تقليدية لإنتاج النفط والغاز.
وتساءل الكثيرون عن الشكل الذي ستكون عليه الشركة بعد طرحها للاكتتاب وعن الدور الجديد الذي ستلعبه كشركة طاقة صناعية. ولا توجد تفاصيل كثيرة حول أرامكو السعودية بعد الاكتتاب إذ أن خطط إعادة هيكلة الشركة لا تزال تحت الدراسة وسيتم الإعلان النهائي عنها خلال الأشهر الستة القادمة كما ذكر الأمير محمد بن سلمان الذي يرأس المجلس الأعلى للشركة إضافة إلى رئاسته مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية.
ولكن الفالح لا يبدو متحمسًا لفكرة طرح أسهم أرامكو السعودية خارج السوق السعودية في الأسواق العالمية حيث قال لمجلة «الإيكونوميست» قبل أيام قليلة في حوار إنه يتوقع أن يؤدي طرح الأسهم في سوق لندن أو نيويورك إلى بعض الدعاوى القضائية «السخيفة».
* أوبك ما بعد وزارة الطاقة
والسعودية هي إحدى الدول الخمس المؤسسة لمنظمة البلدان المصدرة للبترول «أوبك» وظلت هي القائد الفعلي للمنظمة لعقود طويلة بفضل الطاقة الإنتاجية العالية لها بالإضافة إلى أمر آخر ومهم وهو مرونة وقوة السياسة النفطية السعودية من جهة، واختيار المملكة لأكفأ الأسماء لقيادة قطاع النفط من جهة أخرى.
إلا أن سوق النفط تمر بتغيرات كبيرة جديدة وهيكلية في جانبي العرض والطلب والسبب في ذلك التطور الهائل في التقنية على مستوى إنتاج النفط من موارد غير تقليدية أو على مستوى الطاقة البديلة والمتجددة وكفاءة استخدام الطاقة.
وتعاني أوبك اليوم من ضعف شديد نتيجة هذه التغيرات، فأسعار النفط عند مستويات متدنية لا يقبلها الكثير من منتجي الطاقة والكل في أوبك يتوقع أن تقوم المملكة بفعل شيء جذري مثل خفض إنتاجها لدعم الأسعار إلا أن المملكة لم تفعل شيئا كما أوضح ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في حوار مع وكالة «بلومبيرغ» العالمية. وعلل الأمير هذا قائلاً: «نحن لا نحتاج لأسعار نفط عالية حتى نستمر في خططنا وسعر 30 دولارا بالنسبة لنا مثل سعر 70 دولارا».
وتعاني «أوبك» من انقسام فعلي بشأن كيفية التعامل مع انخفاض أسعار النفط، كما تسبب التوتر بين السعودية وإيران في الشهر الماضي في انهيار محادثات الدوحة لعقد أول اتفاق خلال 15 عاما لتجميد إنتاج الخام بين الدول في أوبك والدول خارجها، من أجل المساعدة في تعزيز الأسعار العالمية.
ويقول المحلل النفطي الدكتور أنس الحجي لـ«الشرق الأوسط»: «السعودية مع الاستراتيجية النفطية الحالية ليست بحاجة لغطاء لسياساتها في المجالات الاقتصادية والخارجية والنفطية ولذلك فهي ليست بحاجة إلى منظمة أوبك كما كانت في السابق».
ويضيف الحجي: «مطلب شخص لم يقض حياته مختبئًا وراء أوبك ولهذا الفالح هو رجل المرحلة».
ويقول الدكتور محمد الرمادي المحلل الاقتصادي وأستاذ المالية والاقتصاد السابق في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن إن الفالح أمام تحدٍ كبير إذ أنه وبحكم كونه أحد رجال صناعة النفط «لن يتقبل أن يرى الاستثمارات في قطاع النفط تتدهور على المدى البعيد بسبب تدني الأسعار، وفي الوقت ذاته لن يتمكن من فعل شيء نظرًا لأن السياسة النفطية الحالية لأوبك بإدارة المملكة بدأت تؤتي ثمارها حيث إن الأسعار بدأت في التحسن مع هبوط الإنتاج من خارج دول أوبك».
وفي مارس (آذار) من العام الماضي أوضح الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو السعودية أمين الناصر أن قطاع الطاقة سيشهد إلغاء لمشاريع تقدر بتريليون دولار على مدى السنوات القادمة بسبب الهبوط الذي شهدته أسعار النفط.
وفقدت أسعار النفط نحو 60 في المائة من قيمتها منذ منتصف عام 2014 واستمر التراجع بفضل استراتيجية المملكة بالدفاع عن حصتها السوقية وحصة أوبك أمام المنتجين أصحاب التكلفة العالية خارج المنظمة.
ويرى القائمون على السياسة النفطية في المملكة أن استهداف مستوى محدد للأسعار بات بلا فائدة لأن ضعف السوق العالمية يعكس تغيرات هيكلية أكثر من كونه اتجاها مؤقتا.
وفي الأسبوع الماضي وفي اجتماع محافظي أوبك قال محافظ السعودية محمد الماضي إنه يعتقد «أن العالم تغير كثيرا في السنوات القليلة الماضية، لدرجة أن محاولة فعل هذا أصبحت أمرا لا طائل من ورائه». ونقلت وكالة رويترز عن مصادر مطلعة على المناقشات التي جرت خلال الاجتماع أن الماضي قال لنظرائه أثناء الاجتماع: «ينبغي لأوبك أن تدرك حقيقة أن السوق شهدت تغيرات هيكلية، وهو ما يتضح في أن السوق تصبح تنافسية أكثر من أن تكون احتكاريةاستحدثت السعودية بالأمس وزارة جديدة للطاقة إيذانًا بعصر جديد لهذا القطاع الذي سيشهد تحولات كثيرة في القادم من الأيام مع الرؤية الجديدة للمملكة 2030. إلا أن المحللين لا يرون أن السياسة النفطية السعودية على المستوى الدولي ستتغير رغم كل هذه التحولات.
والسؤال الذي يطرح نفسه بعد الإعلان عن الأمر الملكي الذي يقضي بإنشاء وزارة للطاقة، هو هل تغيير مسمى الوزارة يعني أن حقيقة القطاع ستتغير؟ الإجابة نعم والسبب في هذا سهل، فالمملكة لم تعد ترى نفسها مجرد منتج تقليدي للنفط والغاز كما أن النظرة للطاقة لن تكون محصورة في الطاقة الناتجة عن الوقود الأحفوري بل إن المملكة تتطلع لأن تصبح منتجًا عالميًا للطاقة بشتى أنواعها وتطمح لتحويل أرامكو السعودية من شركة نفط وغاز إلى أكبر شركة طاقة صناعية على مستوى العالم.
وضمت المملكة كلا من الطاقة والصناعة والثروة المعدنية تحت وزارة واحدة جديدة، وسيكون خالد الفالح وزير الصحة السابق ورئيس مجلس إدارة أرامكو السعودية الحالي هو أول وزير طاقة في تاريخ المملكة.
ولا يتوقع المحللون أن السياسة النفطية الحالية للمملكة القائمة على الدفاع عن حصتها السوقية وترك الأسعار تحددها قوى العرض والطلب في السوق ستشهد أي تغيير. ويبرز في الاستراتيجية الجديدة للمملكة المعروفة باسم رؤية السعودية 2030، قطاع التعدين الذي سيشهد تحولات كبيرة والتي بدأت مؤخرًا بتعيين مجلس إدارة جديد لأكبر شركة تعدين وطنية وهي شركة التعدين العربية السعودية (معادن) برئاسة وزير الطاقة خالد الفالح.
* التحديات
وسيكون أول تحدٍ أمام الفالح في الوزارة الجديدة هو رفع مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي إلى 97 مليار ريال، وزيادة عدد فرص العمل في القطاع إلى 90 ألف فرصة عمل بحلول العام 1442هـ (2020). بحسب نص الرؤية.
وسيكون أمام الفالح تحدٍ آخر على الصعيد المحلي وهو تحويل شركة أرامكو السعودية إلى شركة صناعية عالمية إضافة إلى إدارتها بعد طرح أسهمها وتحويل ملكيتها إلى صندوق الاستثمارات العامة.
وتشمل رؤية السعودية 2030 أيضًا تحويل أرامكو السعودية إلى شركة طاقة صناعية وليست مجرد شركة تقليدية لإنتاج النفط والغاز.
وتساءل الكثيرون عن الشكل الذي ستكون عليه الشركة بعد طرحها للاكتتاب وعن الدور الجديد الذي ستلعبه كشركة طاقة صناعية. ولا توجد تفاصيل كثيرة حول أرامكو السعودية بعد الاكتتاب إذ أن خطط إعادة هيكلة الشركة لا تزال تحت الدراسة وسيتم الإعلان النهائي عنها خلال الأشهر الستة القادمة كما ذكر الأمير محمد بن سلمان الذي يرأس المجلس الأعلى للشركة إضافة إلى رئاسته مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية.
ولكن الفالح لا يبدو متحمسًا لفكرة طرح أسهم أرامكو السعودية خارج السوق السعودية في الأسواق العالمية حيث قال لمجلة «الإيكونوميست» قبل أيام قليلة في حوار إنه يتوقع أن يؤدي طرح الأسهم في سوق لندن أو نيويورك إلى بعض الدعاوى القضائية «السخيفة».
* أوبك ما بعد وزارة الطاقة
والسعودية هي إحدى الدول الخمس المؤسسة لمنظمة البلدان المصدرة للبترول «أوبك» وظلت هي القائد الفعلي للمنظمة لعقود طويلة بفضل الطاقة الإنتاجية العالية لها بالإضافة إلى أمر آخر ومهم وهو مرونة وقوة السياسة النفطية السعودية من جهة، واختيار المملكة لأكفأ الأسماء لقيادة قطاع النفط من جهة أخرى.
إلا أن سوق النفط تمر بتغيرات كبيرة جديدة وهيكلية في جانبي العرض والطلب والسبب في ذلك التطور الهائل في التقنية على مستوى إنتاج النفط من موارد غير تقليدية أو على مستوى الطاقة البديلة والمتجددة وكفاءة استخدام الطاقة.
وتعاني أوبك اليوم من ضعف شديد نتيجة هذه التغيرات، فأسعار النفط عند مستويات متدنية لا يقبلها الكثير من منتجي الطاقة والكل في أوبك يتوقع أن تقوم المملكة بفعل شيء جذري مثل خفض إنتاجها لدعم الأسعار إلا أن المملكة لم تفعل شيئا كما أوضح ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في حوار مع وكالة «بلومبيرغ» العالمية. وعلل الأمير هذا قائلاً: «نحن لا نحتاج لأسعار نفط عالية حتى نستمر في خططنا وسعر 30 دولارا بالنسبة لنا مثل سعر 70 دولارا».
وتعاني «أوبك» من انقسام فعلي بشأن كيفية التعامل مع انخفاض أسعار النفط، كما تسبب التوتر بين السعودية وإيران في الشهر الماضي في انهيار محادثات الدوحة لعقد أول اتفاق خلال 15 عاما لتجميد إنتاج الخام بين الدول في أوبك والدول خارجها، من أجل المساعدة في تعزيز الأسعار العالمية.
ويقول المحلل النفطي الدكتور أنس الحجي لـ«الشرق الأوسط»: «السعودية مع الاستراتيجية النفطية الحالية ليست بحاجة لغطاء لسياساتها في المجالات الاقتصادية والخارجية والنفطية ولذلك فهي ليست بحاجة إلى منظمة أوبك كما كانت في السابق».
ويضيف الحجي: «مطلب شخص لم يقض حياته مختبئًا وراء أوبك ولهذا الفالح هو رجل المرحلة».
ويقول الدكتور محمد الرمادي المحلل الاقتصادي وأستاذ المالية والاقتصاد السابق في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن إن الفالح أمام تحدٍ كبير إذ أنه وبحكم كونه أحد رجال صناعة النفط «لن يتقبل أن يرى الاستثمارات في قطاع النفط تتدهور على المدى البعيد بسبب تدني الأسعار، وفي الوقت ذاته لن يتمكن من فعل شيء نظرًا لأن السياسة النفطية الحالية لأوبك بإدارة المملكة بدأت تؤتي ثمارها حيث إن الأسعار بدأت في التحسن مع هبوط الإنتاج من خارج دول أوبك».
وفي مارس (آذار) من العام الماضي أوضح الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو السعودية أمين الناصر أن قطاع الطاقة سيشهد إلغاء لمشاريع تقدر بتريليون دولار على مدى السنوات القادمة بسبب الهبوط الذي شهدته أسعار النفط.
وفقدت أسعار النفط نحو 60 في المائة من قيمتها منذ منتصف عام 2014 واستمر التراجع بفضل استراتيجية المملكة بالدفاع عن حصتها السوقية وحصة أوبك أمام المنتجين أصحاب التكلفة العالية خارج المنظمة.
ويرى القائمون على السياسة النفطية في المملكة أن استهداف مستوى محدد للأسعار بات بلا فائدة لأن ضعف السوق العالمية يعكس تغيرات هيكلية أكثر من كونه اتجاها مؤقتا.
وفي الأسبوع الماضي وفي اجتماع محافظي أوبك قال محافظ السعودية محمد الماضي إنه يعتقد «أن العالم تغير كثيرا في السنوات القليلة الماضية، لدرجة أن محاولة فعل هذا أصبحت أمرا لا طائل من ورائه». ونقلت وكالة رويترز عن مصادر مطلعة على المناقشات التي جرت خلال الاجتماع أن الماضي قال لنظرائه أثناء الاجتماع: «ينبغي لأوبك أن تدرك حقيقة أن السوق شهدت تغيرات هيكلية، وهو ما يتضح في أن السوق تصبح تنافسية أكثر من أن تكون احتكارية
Comment