يقولون «النفط» ويتناسون البقر والخنازير .. والفيلة!

أسئلة
1- إذا أردت شي قطعة من اللحم على الفحم، هل انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري الناتجة من الشي يجب أن تصنف على أنها آتية من قطاع «الطاقة» أم من قطاع «الحيوانات»؟
2- عند الحديث عن البدائل في المثال أعلاه .. هل نقصد بديلا لـ «الفحم» أم بديلا لـ «اللحم»؟
3- إذا كان الفيل من أكثر الحيوانات إصداراً للغازات المسببة للاحتباس الحراري .. هل حماية الفيلة تعد «صديقة للبيئة» أم عدوتها»؟
4 ـ غاز الميثان أكثر خطرا على البيئة من غاز أكسيد الكربون بنحو 20 مرة (هذا يعني أن أثر طن من الميثان يساوي أثر 20 طنا من غاز أكسيد الكربون)، ويتلاشى من الفضاء بسرعة (نحو ثماني سنوات) مقارنة بالفترة الطويلة التي يستغرقها غاز ثاني أكسيد الكربون حتى يتلاشى (أكثر من 100 سنة). أغلب الميثان الذي يتسرب إلى الجو يأتي من الحيوانات، بينما يأتي أغلب أكسيد الكربون الناتج عن الأنشطة البشرية من الوقود الأحفوري. ألا يتطلب حل مشكلة الاحتباس الحراري التركيز على الغازات المنبعثة من الحيوانات أولا، ثم الوقود الأحفوري، بما في ذلك النفط، ثانيا؟
5 ـ إذا أصيب شخص بمرض نتيجة تناول اللحوم بشكل كبير، ووضع في مستشفى لمدة شهر للعلاج، ونتج عن الأدوية والأدوات المستخدمة والأجهزة الطبية والإضاءة تلوث قدره طن من الغازات، هل هذه الغازات تحسب على أنها من الطاقة المستخدمة، أم بسبب تناول الشخص اللحوم بهذا الشكل؟
دور الحيوانات
الحيوانات جزء من «الأنشطة الإنسانية» الذين يعادون النفط ويقولون إن الأنشطة الإنسانية، التي تتضمن إنتاج ونقل واستهلاك النفط، هي السبب الرئيس للاحتباس الحراري يفتقرون إلى أبسط قواعد المنطق: إذا كانت الأنشطة الإنسانية هي السبب، إذا لنقف ضد كل الأنشطة التي تزيد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، بما في ذلك كل الأنشطة الزراعية التي تتطلب قطع أشجار الغابات، وكل عمليات تربية الأبقار والخنازير والدجاج… ولنقلل من عدد الفيلة بدلا من حمايتها.
لا شك أن البقر والخنازير والدجاج هي جزء من هذا الكون ووجدوا منذ بدء الخليقة، ولكن الأنشطة الإنسانية خلال القرن الأخير زادت من أعداد البقر والخنازير والدجاج بشكل هائل, حيث إن الزيادة في العقد الأخير فقط تقدر بنحو 15 في المائة، الأمر الذي يؤكد أن زيادة عدد هذه الحيوانات تعود إلى الأنشطة الإنسانية، وبالتالي فإنه يجب لومها أيضا على انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري.
ويمكن للمهتم بالموضوع البحث في أرشيف «الاقتصادية» عن مقال قديم حول الموضوع بعنوان «إنه البقر.. يا عزيزي!»، الذي يبين بالتفصيل المخاطر البيئية للبقر، وكيفية تلافيها. وذُكر في المقال حينها أن الدراسات تؤكد أن جزءا لا بأس به من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري يعود إلى الأنشطة الزراعية في الدول الصناعية، خاصة مزارع الأبقار والخنازير والمداجن، لدرجة أن العلماء يقومون حالياً بتجارب تغيير غذاء البقر حتى يقلل البقر من الغازات المنبعثة منه عن طريق الاجترار، التي تقدر حاليا بنحو 100 إلى 200 لتر من غاز الميثان يوميا لكل بقرة، الذي قد يصل إلى 73 ألف لتر من الميثان سنويا.
وأشارت دراسات أخرى إلى أن الأمريكيين الذين يأكلون اللحم مسؤولون عن ارتفاع مستويات الغازات المسببة للاحتباس الحراري بمقدار 1.5 طن لكل شخص، مقارنة بالذين لا يأكلون اللحم. وتعد الدراسة التي أعدتها منظمة الفاو حول دور الحيوانات في زيادة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري المرجع الأساس حول الموضوع حيث استنتجت الدراسة، التي تم عرض تقرير عنها أمام الكونجرس الأمريكي، أن الحيوانات، التي يمثل البقر والخنازير أغلبها، مسؤولة عن 18 في المائة من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
إلا أن دراسة صدرت أخيرا تشير إلى أن تقديرات منظمة الفاو أقل من الواقع بكثير، وأن مساهمة الحيوانات في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري تمثل نحو 51 في المائة. هذا يعني أن كل مصادر الطاقة الأخرى، وكل شيء آخر يؤدي إلى انبعاثات تقدر بنحو 49 في المائة. وبما أن النفط جزء بسيط منها، فإن ما تصدره الحيوانات من غازات مسببة للاحتباس الحراري يبلغ أضعاف ما ينتجه النفط من غازات! وسيتم عرض مختصر لهذه الدراسة في الأسبوع المقبل ــ بإذن الله.
حتى الفيَلَة
كمية الميثان التي يصدرها الفيل يوميا تبلغ عشرة أضعاف ما تصدره البقرة, حيث تبلغ الكمية التي يصدرها نحو ألفي لتر يوميا. وكان جيمس كلارك قد كتب مقالا عن هذا الأمر في مجلة «المغامرات الإفريقية» التي تصدر باللغة الإنجليزية ذكر فيه أن نحو 70 ألف فيل تتنقل بين زمبابوي وبتسوانا. فإذا تُركت تتكاثر كما تشاء، فإن الغازات الصادرة عنها فقط تكفي لحدوث احتباس حراري يهدد العالم أجمع.
ونظرا لأنه تمت إزالة الغابات التي كانت تعيش فيها، فإن الفيلة اضطرت إلى أكل الأعشاب، الأمر الذي زاد من إصدارها غاز الميثان. القطيع المشار إليه يُصْدر عشرات آلاف الأطنان من الميثان سنويا. وبما أن الفيل يعيش من 60 إلى 70 سنة، فإن القطيع سيصدر ملايين الأطنان من الميثان. وبما أن هذا الغاز أقوى من غاز أكسيد الكربون بعشرين مرة، فإنه ما تنتجه هذه الفيلَة يساوي عشرات الملايين من أطنان غاز أكسيد الكربون. ويشير الكاتب إلى أن وجود قطيع من الفيلة في بعض الغابات الكثيفة يؤدي إلى تساقط الطيور ميتة بسبب غاز الميثان الصادر عن الفيلة ..
ارحموا النفط يا جماعة!
نشر هذا المقال يوم 3 نوفمبر 2009 في جريدة الاقتصادية السعودية.
Comment