ما السيناريوهات المتوقعة لاجتماع منتجي النفط في مايو المقبل؟
أكدت مجموعة من خبراء النفط أن الاجتماع القادم لمنتجي النفط على تمديد اتفاق تعديل مستويات الانتاج، بما يتناسب مع سحب فعلي 1.8 مليون برميل يومياً من اسواق النفط، في خريطة طريق لاستعادة توازن اسواق النفط.
يترقب سوق النفط المؤتمر الوزاري لمنظمة أوبك نهاية مايو المقبل، وما سينتج عنه من تطورات سيتفاعل معها من خلال تغير أسعار النفط سواء بالتعافي أو الانخفاض، لكن ما السيناريوهات المتوقعة لذلك الاجتماع؟ وهل سيتم تمديد اتفاق خفض الانتاج الى 6 اشهر اخرى؟ وإذا حدث ذلك فإلى أين ستصل الأسعار؟ وماذا سيكون الوضع إذا لم تصل الاطراف المجتمعة إلى التمديد؟
وفي سبيل الإجابة عن الأسئلة السابقة، ومعرفة أقرب السيناريوهات للحدوث، التقت “الجريدة” مجموعة من خبراء النفط لمعرفة شكل المشهد في مايو المقبل.
في البداية، توقع المدير الشريك في شركة إنرجي أوتلوك أدفايزرز، أنس الحجي، تمديد الاتفاق مع انخفاض الالتزام بالحصص الانتاجية، وتركيز بعض دول المنظمة على الصادرات بدلا من الانتاج.
وقال الحجي إن مشكلة أسواق النفط حاليا تتمثل في أمرين، هما المخزونات المرتفعة، وخاصة في الولايات المتحدة، والزيادة المستمرة في إنتاج النفط الأميركي.
وأضاف: “إذا نظرنا إلى البيانات التاريخية، فسنجد أن تخفيض المخزون بأكثر من 200 مليون برميل تطلب من (أوبك) في الماضي تخفيضا كبيرا وتمديدا، أو تخفيضين متتاليين، وظهر أثر ذلك في السوق بعد مرور سبعة أشهر على الأقل، وأحيانا استغرق قرابة العام، ومن هنا نجد أن تمديد الخفض أو حدوث خفض آخر أمر ضروري لإحداث التوازن في السوق”.
وذكر أن ارتفاع الأسعار سيزيد من إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة، وهو ما يتطلب إما عدم التمديد أو التمديد مع السماح بتجاوز دول “أوبك” لحصصها الإنتاجية، الأمر الذي لن يرفع الأسعار بشكل ملحوظ.
وأشار إلى أن توازن السوق يحتاج إلى تمديد اتفاق الخفض أو تخفيض آخر، لكن ارتفاع الأسعار وزيادة الطلب على النفط في الصيف يعنيان تجاوز أغلب دول أوبك حصصها الإنتاجية، علما بأن أثر عدم التمديد لن يكون كبيرا بسبب زيادة الطلب على النفط في فصل الصيف، وفي هذه الحالة سيكون هناك مشكلة كبيرة في الربع الأخير من العام بسبب الفائض في الإنتاج.
التزام غير متوقع
من جهته، قال الرئيس التنفيذي في الشركة الكويتية لصناعة المواد الحفازة، د. حسن قبازرد، إن اتفاق منتجي النفط من “أوبك” ومن خارجها كان جيدا وغير متوقع، مقارنة بالاتفاقات السابقة، إذ لم تلتزم المنظمة سابقا بنسبة 95 في المئة كما هو حاصل الان.
وأوضح قبازرد أن “التزام المنتجين من خارج المنظمة إلى الآن غير كبير، إذ طلبوا فترة الى مايو المقبل لزيادة التزامهم، وإلى ذلك، لن تكون الاتفاقية كافية للتقليل من الامدادات، وهو الهدف منها”.
وأشار إلى أن تمديد الاتفاق أصبح ضرورة، إذ إن موسم العطلات تصاحبه زيادة في استهلاك الوقود، وهنا سيتضح مدى فاعلية اتفاق “اوبك”، متوقعا أن “يصل سعر البرميل في نهاية 2017 إلى 58 دولارا إذا تم تمديد اتفاق خفض الانتاج، وهناك بعض التقارير من البنوك العالمية تتوقع وصول الأسعار الى 60 دولارا، بشرط التزام جميع دول المنظمة وخارجها بالاتفاق”.
وذكر أن بقاء الأسعار عند هذه المستويات يعتمد بشكل كبير على مدى تأثير الاتفاق في خفض المخزونات التجارية، مشيرا إلى أن سعر النفط يعتمد أيضا على مدى ارتفاع الإنتاج الأميركي الذي عاد من جديد وبقوة، إذ زاد عدد الحفارات الأميركية بنحو 270 حفارة خلال شهري مايو وفبراير الماضيين.
وأكد أن الأسعار من الممكن أن تهبط إلى مستوى 40 دولارا للبرميل، اذا لم يكن هناك التزام، أو تم إلغاء اتفاق خفض الإنتاج في الاجتماع المقبل للمنظمة، وزيادة الانتاج الاميركي، ويتوقف ذلك أيضا على زيادة الطلب في فترة الصيف.
وشدد قبازرد على ضرورة الالتزام باتفاق الخفض، مرجحا أن يأتي ذلك بجدوى جيدة وزيادة في الأسعار وتوازنها مع نهاية العام الحالي وسط توقعات بانخفاض المخزونات لدى عدد من الدول أبرزها الولايات المتحدة والصين في 2018.
تطورات السوق
بدوره، قال الخبير النفطي محمد الشطي إن السوق ينتظر حاليا اجتماع المنظمة، ويراقب التطورات في الأسعار، لافتا إلى أن جهود المنتجين من داخل أوبك وخارجها تنصب حاليا على حشد التأييد لتمديد اتفاق تعديل مستويات الانتاج، بما يتناسب مع سحب فعلي 1.8 مليون برميل يومياً من اسواق النفط، في خريطة طريق لاستعادة توازن اسواق النفط.
وأشار الشطي إلى أن “العديد من الدول الأعضاء في الاتفاق تتجه إلى التمديد، وهو ما يرجح سيناريو خروج الاجتماع المقبل بقرار في هذا الاتجاه، ولذلك وجدنا أسعار النفط تتعافى خلال الأيام الماضية، بعد إعلان وزير النفط الكويتي أن الكويت ودولا أخرى تؤيد التمديد، وما يرجح هذا الاحتمال هو مطالبة السوق بذلك، إذ من الممكن أن يؤدي عدم تمديد اتفاق الخفض إلى انخفاص اسعار النفط الى 40 دولارا او اقل، وهو ما عبر عنه عدد من مراقبي السوق”.
وأضاف: “بالإمكان اعتبار سيناريوهات اخرى لكن احتمالية حدوثها أقل، وهي مرتبطة بمستجدات السوق النفطي، ومن بينها عدم الحصول على موافقة جميع الدول المنتجة خصوصا من خارج المنظمة على تمديد اتفاق تعديل الانتاج، مما يعني ان تتحمل (اوبك) مسؤولية تنظيم الإمدادات في اسواق النفط وحدها”.
وتساءل: “هل بالامكان أن تغير المنظمة سياستها وتقوم بذلك، وبالتالي تستفيد الدول من خارج المنظمة من سياسة خفض الإنتاج وتعافي الأسعار، وتخسر (أوبك) حصصها وأسواقها؟”.
وأضاف أن هناك سيناريو آخر أيضا، لكن احتمالية حدوثه ضعيفة، ويتمثل في استمرار ارتفاع انتاج النفط الصخري بشكل يفوق التوقعات ويؤثر على جهود اتفاق الخفض، ويساهم في خفض أسعار النفط، وهنا يبقى السؤال: كيف ستكون ردة فعل المنتجين؟
وأكد أن هناك سيناريو ثالثا، لكن تتضاءل ايضاً احتمالات حدوثه، وهو استمرار مستويات المخزون النفطي في الارتفاع، ومنها الاميركي، وتأخر السحوبات من المخزون النفطي من اجل احداث التوازن المنشود، ومن ثم تظل اسعار النفط تعاني الضعف، وهو الامر الذي يثير الشكوك حول جدوى التمديد.
وذكر ان هناك سيناريو آخر، ولكن احتمال حدوثه ضعيف، وهو يتمثل في تعافي اسعار النفط بوضوح يعكس سحوبات من المخزون النفطي مما يشجع على زيادة الانتاج وتقليل نسب الالتزام، خصوصا اذا كان الارتفاع الى مستويات تفوق الستين دولارا للبرميل، وتشجع تطوير انتاج متزايد للنفط الصخري.
وقال الشطي إن جميع هذه السيناريوهات فرضيات فقط، والواقع ان استراتيجية “أوبك” نجحت في تقليص مستويات الإنتاج وسط تحديات كثيرة، لكن التوازن واقع، وإن كان بوتيرة اقل، والمخزون العالمي في هبوط، وإن كان بوتيرة اقل، مع استمرار تعافي اسعار النفط وتماسكها، ولكن الامر يحتاج فقط إلى وقت أطول، وتمديد اتفاق تعديل الانتاج أشهرا مقبلة.
«أوبك» على المحك
من جهته، قال الخبير النفطي العماني د. جمعة الغيلاني ان «اوبك» في مأزق الآن، ولا شك ان هذا الاجتماع يعتبر في غاية الأهمية، لاسيما بعدما أصبحت بدائلها محدودة، مبيناً أن موضوع خفض الانتاج والالتزام بتخفيض الانتاج اي نظام الحصص الذي عملت به المنظمة منذ عام ١٩٨٣م اصبح على المحك، خصوصا مع تنامي انتاج النفط الصخري والرملي، اضافة الى البدائل الاخرى العديدة، «ما يجعل اوبك في وضع لا تحسد عليه».
وأضاف الغيلاني: «لذلك أعتبر أن هدف الاجتماع القادم دراسة البدائل التي بمقدور المنظمة اتخاذها، وسيكون ذلك الاجتماع الربع سنوي تشاورياً، وبالتالي لا أتوقع تحقيقه نتائج إيجابية تعزز المستوى الحالي للاسعار».
Comment