خوازيق… نفطية
أدركت القيادة العسكرية اليابانية في الثلاثينيات من القرن الماضي أن قوة اليابان تتطلب سيطرتها على منابع نفطية قريبة، فقامت، بقيادة الجنرال توجو، باجتياح العديد من الدول الآسيوية المنتجة للنفط. أعلن توجو الحرب على الولايات المتحدة في عام 1941 بحجة أن مستقبل اليابان مرتبط بتأمين منابع النفط، وأن الولايات المتحدة تمنعه من ذلك.
نتج عن احتلال اليابان للدول الآسيوية المنتجة للنفط ثم الحرب العالمية التي تلت ذلك، مقتل أكثر من 20 مليون شخص.. في سبيل النفط. لم يأبه الجنرال توجو بملايين القتلى، وعويل الثكالى، وصراخ الأطفال، وأنات الجرحى، لأن رائحة النفط أسكرته حتى الثمالة. من سخريات القدر أنه لم يتمكن الأمريكيون، الذين حطوا رحالهم على الشواطئ اليابانية قبل قليل من وصولهم إلى بيت توجو، من نقله إلى المستشفى بعد محاولته الانتحار .. لماذا؟ لعدم وجود أي سيارة فيها بنزين، بما في ذلك سيارة الإسعاف! وهكذا لم يتوفر النفط لإنقاذ حياة الجنرال الذي قضى حياته محاولاً الحصول عليه بتكلفة قدرها 20 مليونا من البشر.
تم العثور بعد ساعتين على سيارة فيها وقود وتم نقله للمستشفى حيث تم علاجه ثم محاكمته وإعدامه فيما بعد. عدم وجود البنزين كاد يقتله، ولما وجد، أسهم في إيصاله إلى منصة الإعدام. أعظم طائرة.. تجرها الخيول كانت ألمانيا أكثر الدول تقدما في العالم في أوائل الأربعينيات من القرن الماضي حيث قام المهندسون الألمان بصنع أفضل طائرة مقاتلة خلال الحرب العالمية الثانية. ويكاد يجمع الخبراء العسكريون اليوم أنه لو تمكن الألمان من استخدام هذه الطائرة في الحرب، لكانت اللغة الرسمية للولايات المتحدة الآن هي الألمانية، ووليس الإنجليزية، لكن الطائرة لم تطر بسبب عدم توافر الوقود.
ولما حاول الألمان استخدامها، جروها على مدرجات المطار بالخيول لتوفير الوقود! وهكذا خسر هتلر الحرب مع أنه دفع بجيشين للسيطرة على أشهر منابع النفط في العالم، وقتل وشرد الملايين. الجيش الأول ذهب باتجاه منابع النفط في آسيا الوسطى وروسيا، والجيش الثاني ذهب إلى غرب إفريقيا. أخطاء نفطية.. فادحة * في عام 1848 اشترت الولايات المتحدة ولاية تكساس وأراضي أخرى من المكسيك بمبلغ 15 مليون دولار (تعادل نحو 3.5 مليار دولار بنقود اليوم)، أصبحت تكساس في بداية القرن الماضي أكبر منتج ومصدر للنفط في العالم.
تجاوزت قيمة النفط والغاز الذي أنتج من هذه الولاية 400 مليار دولار، وهذا الرقم لا يتضمن الآثار الإيجابية في الاقتصاد، أو الوظائف التي خلقها هذا القطاع. حلم كثير من المكسيكيين الآن أن يهاجروا للعيش في.. تكساس. الأمر نفسه ينطبق على ولاية ألاسكا التي اشترتها الولايات المتحدة من روسيا بمقدار 7.2 مليون دولار في عام 1867. ما دفعته أمريكا ثمناً لألاسكا يعادل الآن مبيعات نفط هذه الولاية لنحو شهر واحد فقط، حيث إن سعر الشراء يعادل بنقود اليوم 1.67 مليار دولار.
اشتهرت الولاية تاريخياً بمناجم الذهب التي جلبت الثراء لمئات الأمريكيين. الأنكى من ذلك أن الولايات المتحدة بنت أكبر محطات تجسس على الاتحاد السوفياتي في مرتفعات هذه الولاية التي هي أقرب إلى روسيا منها إلى الولايات المتحدة.
* وينطبق ذلك على ولاية لويزيانا الغنية بالنفط حيث تنتج حالياً نحو 200 ألف برميل يومياً. فقد اشترتها الولايات المتحدة من فرنسا بمقدار 15 مليون دولار في عام 1803.
* قامت حكومة الولايات المتحدة في العشرينيات والثلاثينيات من القرن الماضي بدعم شركات النفط الأمريكية (وهي شركات خاصة)، للاستثمار في حقول نفط الشرق الأوسط، خاصة في السعودية. لم يكن هدف الولايات المتحدة من هذه العمليات تأمين مصادر نفطية جديدة للولايات المتحدة، بل على العكس، كان الهدف هو الحفاظ على النفط الأمريكي وتوفير موارد جديدة لحلفاء أمريكا في أوروبا حتى لا تضطر أمريكا إلى الاستمرار في تصدير نفطها لهذه الدول. ولكن تطوير هذه الحقول أدى لاستخراج النفط بتكاليف رخيصة، الأمر الذي أدى مع مرور الزمن إلى خنق صناعة النفط الأمريكية، وبالتالي اعتماد الولايات المتحدة على واردات النفط من الشرق الأوسط. ليس هذا فقط، إنما نافست الولايات المتحدة، الدول الأوروبية في الحصول على هذا النفط، مع أن السبب الأول لتطويره هو مساعدة هذه الدول الأوروبية!
أكبر الأخطاء النفطية .. على الإطلاق
بعد اكتشاف البريطانيين للنفط في إيران في 1911، حاول الجيولوجيون البريطانيون التنقيب عن النفط في الأماكن المجاورة. وجاء التقرير الأول بنتيجة، وهي أن النفط يوجد على الضفة الشرقية فقط من الخليج العربي، ولا يمكن أن يوجد على ضفته الغربية. وبعد مرور عدة سنوات قام فريق بريطاني آخر بالتنقيب عن النفط في دول الخليج، ووصل إلى النتيجة نفسها. ولما علمت وزارة الخارجية البريطانية بقيام بعض المنقبين البريطانيين بالاتصال بشركات النفط الأمريكية، تم إرسال فريق آخر إلى المنطقة الشرقية في السعودية لإجراء دراسة جديدة. جاء في تقرير هذا الفريق أنه لا يمكن أن يوجد نفط في هذه المنطقة على الإطلاق.
بعد خمس سنوات اكتشف الأمريكيون حقل الغوار، أكبر حقل نفطي في العالم حتى الآن، في المنطقة نفسها!
نكتة نفطية .. إسرائيلية
كانت جولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل السابقة، تتندر على عدم وجود النفط في إسرائيل بما معناه أن موسى “عليه السلام” أضاع اليهود في صحاري الشرق الأوسط لمدة 40 سنة، ولم تستقر بهم الحال إلا في الأرض الوحيدة التي لا يوجد فيها نفط! الأنكى من ذلك أنه في السنوات الأخيرة تم اكتشاف الغاز الطبيعي في مياه المنطقة، ولكن في غزة بعد إعطائها للفلسطينيين!
نشر هذا المقال في جريدة الاقتصادية منذ سنوات
أعيد نشره في موقع ارقام هنا:
Comment