تعليقي على تغريدة ترامب ضد أوبك
ترامب يحاول استخدام أوبك كشماعة للتغطية على نتائج قراراته
أنس بن فيصل الحجي
- ما من رئيس أمريكي منذ أيام نيكسون في السبعينيات في القرن الماضي إلا وانتقد أوبك، لذلك يجب وضع تغردية ترامب ضمن هذا الإطار. إلا أن الفرق أنهم انتقدوا منظمة أوبك، بينما انتقد ترامب مقترح لجنة استشارية تابعة لاوبك. بعبارة أخرى، هم انتقدوا “قرار” أو “تـصرف” صادر عن المنظمة، بينما هو انتقد “اقتراح” صادر عن “لجنة”.
- قال ترامب بأن الأسعار “مصطنعة”، وأن صانعتها هي أوبك. ولكن هذه تعبيرات سياسية لأنه لايوجد شيئ في الأسواق اسمه “أسعار مصطنعة”. كما أن أوبك نفسها تعترف علنا أن هناك عوامل متعددة أخرى رفعت أسعار النفط منها انخفاض قسري لانتاج بعض الدول مثل فنزويلا وليبيا ونيجيريا وأنغولا، وتوقف خطوط أنابيب نفط رئيسة في شمال امريكا وليبيا، بالإضافة الى العوامل السياسية المتعلقة بالاتفاق النووي الإيراني وغيرها.
- سبب استغراب الناس من تغردية ترامب هو أنه يتبجح دائما بفكرة “السيطرة” في أسواق الطاقة بعد أن أصبحت الولايات المتحدة مصدرة للنفط والغاز والغاز المسال بعد ان كانت مستوردة لهم. استمرار نمو إنتاج النفط الصخري يتطلب أسعار نفط مرتفعة. كما أن صناعة النفط الصخري تدعم ترامب بشكل عام، وكان هارولد هام، أحد أعمدة هذه الصناعة، مستشاره الخاص، وكاد أن يعين وزيرا للطاقة، إلا أن هام رفض.
- من أهم نتائج تغريدة ترامب أنه أعاد اسم أوبك للواجهة حيث اضطر كثيرا من المدرسين في المدارس الأمريكية للحديث عن النفط وأوبك. كما أنه أصبح حديث العائلات الأمريكية على مائدة العشاء.
- قدم بعض المتخصصين عدة نظريات حول تغردية ترامب أهمها:
- نظرية اقتصادية: أن تغردية ترامب كانت مرتبطة بخبر نشر مع بداية اجتماع اللجنة الوزارةي لمراقبة السوق المنبثقة عن أوبك مفاده أن السعودية لامانع لديها من وصول أسعار النفط إلى 100 دولار للبرميل. بعبارة أخرى، أن ترامب انتقد ارتفاع أسعار النفط إلى 100 دولار ولم ينتقد الأسعار الحالية. وفي هذا السياق لابد من ذكر أن هذا الخبر لم يكن صحيحاً، كما قامت الوكالة بتغيير الخبر من أن مصدره أشخاص في منظمة أوبك إلى مصدر في صناعة النفط. والكل يتفق هنا أن أسعار 100 دولار للبرميل مضرة بأوبك أولا، ومضرة بالاقتصاد العالمي، بما في ذلك الاقتصاد الأمريكي، ثانيا. وعلينا أن نتذكر أن الانتخابات النصفية في الولايات المتحدة على الأبواب، الأمر الذي يفسر سببا آخر لقلق ترامب من ارتفاع الأسعار.
- نظرة سياسية: هناك نظريتان متناقضتان كلاهما تتعلقان بإيران، ولكن لا يمكن إنكار أي منهما حاليا. النظرية الأولى أن ترامب سيلغي الاتفاق النووي مع إيران وسيعيد العقوبات الاقتصادية والمالية عليها، الأمر الذي سيخفض صادراتها النفطية ويرفع أسعار النفط. تغردية ترامب عن أوبك هي ضربة استباقية كي لايلومه أعداؤه على ارتفاع أسعار النفط الناتج عن فرض عقوبات على إيران بحيث يتم الترويج لفكرة أن ارتفاع أسعار النفط سببه أوبك وليس سياسة ترامب تجاه إيران. أما النظرية الثانية فهي عكس الأولى ومفادها أن ترامب لايريد انهاء اتفاق إيران النووي ولايريد فرض عقوبات على إيران، وبالتالي فإنه يحاول اقناع ماحوله بأنه لو فعل ذلك فإن ذلك يرفع أسعار النفط، وبالتالي فإنه لو لم ترفع أوبك أسعار النفط لقام بالغاء الاتفاق.
باختصار، ترامب يحاول استخدام أوبك كشماعة للتغطية على نتائج قراراته.
كما طرح البعض فكرة أخرى ولكن لايوجد أدلة قوية عليها وهي أن انتقاده لاقتراح لجنة مراقبة السوق سببه زيادة التعاون بين دول اوبك وروسيا، وأن هجومه هذا هو جزء من موجة الانتقادات الأمريكية الموجهة لروسيا.
خلاصة الأمر أن تغريدة ترامب لاتأتي من فراغ، أو من جهل ترامب بأسواق النفط، وأنما قد تكون ضمن سياسة مدروسة للوم الآخرين على نتائج سياساته.
Comment